ابن عيناتا مفقود الاثر السعيد محمد باقر بسام …. قصته الهبت قلوب الجنوبيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي
كثيرة هي القصص التي يتداولها أهل المقاومة في لبنان عن الشهداء الذين يسقطون في الحرب التي تدور رحاها على أرض الجنوب اللبناني منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023.. وفصة الشهيد محمد باقر بسام مفقود الاثر واحدة من هذه القصص تبعاً لروايات الأهالي ومنصات “السوشيل ميديا”.
محمد باقر بسام، الملقب بـ”خميني”، إبن بلدة عيناثا الجنوبية، عشية استشهاده يوم الإثنين الفائت في بلدة مارون الراس، لم يتمنّ الشهادة وحسب، بين جمع من رفاقه، بل أرادها بأن لا تُبقي منه أي أثر، ويبقى مجهول القبر، على غرار سيدته فاطمة الزهراء، إبنة النبي محمد. إنما زاد على سيدته التي لها قبر لكنّه غير معروف المكان، لإلتزم زوجها الإمام علي بن أبي طالب بوصيتها، فتم دفنها ليلاً حتى لا يتعرّف أحد على قبرها. فيما “خميني عيناثا” الترابي لا قبر له أبداً، وهو الذي يروي عنه رفاقه حكايات عن تأثره بالطرق الصوفية.
تفاعل هذا الموضوع كثيراً على مواقع التواصل، واندهش رفاقه بهذه المكانة التي حظي بها، حتى عاتبه أحدهم، لماذا “لم تقل لنا ماهية علاقتك بالسيدة الزهراء؟” وناشده مجازاً “قل لي ماذا قلت لفاطمة حتى صرت مفقود الأثر مثلها”، وسأله “بأي روحية كنت تحضر مجالس عزاء أبنائها؟”. ولم تنتهِ قصة “خميني عيناثا” هنا، وقد نُقل عن رفيقه وإبن بلدته عبد الكريم محمد علي سمحات، بأن محمد باقر بسام اختار أحد القبور الجاهزة في جبانة عيناثا، لكن بعد أن تحقّقت أمنيته ولم يبقَ من جسده أي أثر لدفنه في القبر المذكور، شاء القدر أن يملأ القبر نفسه رفيقه عبد الكريم سمحات (“جعفر”) الذي استشهد بعد ثلاثة أيام من تاريخ استشهاد رفيقه.
ولسان حال رفاق الشهيدين “جعفر” و”خميني عيناثا”، أن سمحات “لبّى النداء”، وكأنه يقول لرفيقه “لن يبقى الضريح خالياً يا صاحبي أكثر من ذلك، وها قد لحقت بركبك بعد ثلاثة أيام، ليسكن جسدي المتشظّي في القبر الذي ظنّ أهل الأرض أنه لك وكان يعلم أهل السماء أنه لي”.
ولعل الصورة الأكثر تعبيراً في مأتم سمحات أن صورته ورفيقه محمد بسام قد تقدمت مسيرة التشييع، بحضور العائلتين، وتردّد أن والد “خميني عيناثا” تمنى على المقاومين ألا يخاطروا بالبحث عن ما بقي من آثار جثمان ولده حتى لا تتعرض حياة أي مقاوم للخطر في الخطوط الأمامية.. برغم الحسرة على الضريح المعلق في تربة الشهداء في عيناثا.