الزعفران والعيزقان زراعتان بديلتان عن التبغ في منطقة النبطية وتنتجان ربحاً وفيراً
راجت في الفترة الماضية، في بلدات النبطية ومنطقتها، زراعات العيزقان والزعفران، حيث تشكلان مصدر دخل للأفراد والعائلات، ومن المعروف أنهما تدخلان في صناعة الأدوية وهي نباتات عطرية، كما أن الإنتاج يصدّر إلى الأردن وأميركا لتقطير العيزقان، الذي يدخل في صناعة المستحضرات الطبّية والدوائية، فيما يعتبر الزعفران “الذهب الأحمر”، وهو زراعة بديلة أكثر إنتاجية من زراعة التبغ.
ينتشر “العيزقان” في الأودية القريبة من نهر الليطاني، قرب بلدات الزوطرين ويحمر الشقيف، وهناك من بدأ بزراعته في الحقول للحصول على كمية أكبر من الإنتاج، كالمواطن محمد نعمة في زوطر. فيما يخرج المزارع حسني جابر في يحمر، صبيحة كل يوم، إلى الأودية القريبة من الليطاني، ويفتش بصعوبة على النبتة المذكورة، حيث يلفت إلى أنه “بحال قطفنا 10 كيلو يومياً فإنه بعد تجفيفه يصبح 5 كيلو، ونبيع الإنتاج لتجار من عدشيت يصدّرونه بالأطنان إلى الأردن وأميركا، لاستخدامه في صناعة الدواء والمستحضرات الطبية والعطورات”، مشيراً إلى أن سعر “الكيلو 2$”.
ويوضح جابر أننا “نزرع التبغ ولدينا مزرعة أبقار تنتج حليباً ولبناً، ويعمل على قطف الزعتر والعيزقان، لأن الرزق من باب واحد لا يكفي في ظل ما نعانيه من أوضاع اقتصادية صعبة ومريرة”، ملاحظاً أن “العيزقان انتشرت زراعته في عدد من البلدات في منطقة النبطية، حيث يروى بالمياه فينتج محصولاً أكبر من “البعلي”، مشيراً إلى أن عدداً من البدو والنازحين يقومون باقتلاع النبتة من “جذورها”، مما يؤدي لعدم نموها في الموسم المقبل، كما يفعلون بنبتة “الزعتر” أيضاً بسبب قلّة الخبرة.
من جانبها، تلفت “أم جبران” إلى أن “عملية تجفيف وتشميس العيزقان، تحتاج 15 يوماً قبل بيعه”، مشيرة إلى أننا “من ذوي الدخل المحدود ونعيش تحت خط الفقر، ونرى أن مزرعتنا وقطف المنتجات الطبيعية تعين عائلتنا نوعا ماً، خصوصاً أنه “لا يوجد عمل ولا مصدر للمداخيل سوى التفتيش عن لقمة العيش المغمّسة بالعلقم المر”.
بدوره، يشرح عضو بلدية يحمر الشقيف ومسؤول “جهاد البناء” في البلدة ناصر عليق أن العيزقان نبتة برية عطرية، كالزعتر وغيرها من النباتات، ومع التطور العلمي بدأت تتهجّن وتزرع كباقي النباتات”، ويوضح أن “الاولى عليها طلب من الخارج في الأردن وأميركا ودول أوروبية، لأنها تدخل في صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية”.
ويلفت إلى أنها “تدخل في اطار الدعم الاقتصادي، حيث باستطاعة أي مواطن أن يزرعها، وهي تحرك الدورة الاقتصادية والعمل فيها عائلي، اضافة الى انها عامل اقتصادي مساعد”، ويشرح بأنّ “الدونم بعد 3 سنوات ينتج 300 كيلو، لكن المشكلة تكمن بوجود القطاف الجائر لها، وهنا دور البلديات التي يجب عليها أن تقمع هذه الظاهرة التي تؤدّي إلى دمار المنتج”.
على صعيد متصل، تنتشر زراعة الزعفران بكثرة في إيران، وقد بدأ عدد من المزارعين الجنوبيين في عيتا الشعب باستقدام “بصيلاته” لزراعتها في حقولهم، وهذا ما قام به المزارع محمد طحيني بأرضه، ويصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 8 الاف دولار، وبالتالي هي فرصة ذهبيّة لأيّ مزارع يريد التخلص من زراعة التبغ.
وتعتبر زراعة الزعفران مريحة ومربحة، على عكس زراعة التبغ، وهو يتطلب 4 سنوات ليبدأ بالإنتاج، مع الاشارة الى أن قرابة 100 مزارع في عيتا الشعب بدأوا استغلال اراضيهم بزراعة هذه النبتة “الذهبيّة”، مع العلم أن لا أسواق داخلية لتصريف الإنتاج، الذي يذهب إلى أسواق الخليج وأوروبا، في حين أن أحد مزارعي البقاع ينتج 5 كيلو سنوياً.
ونبتة “العيزقان” (Salvia officinalis) او “القصعين” أو “المريمية” نسبة الى مريم العذراء، هي نبتة تعيش في بلدان حوض البحر الابيض المتوسط، وتنتشر كثيرا في لبنان بطريقة بَعْليّة (أي على الطبيعة من موسم الى آخر)، وهي عشبة عطرية تتبع عائلة النعناع وتزرع بسبب أوراقها الطيبة التي يمكن تناولها. وتستخدم طازجة أو مجففة كنكهة في العديد من الأطعمة، خاصة في حشوات الدواجن واللحوم والسجق، وهناك عدة أنواع أخرى من جنس “السالفيا” أيضًا.
العيزقان او المريمية، من النبات المعمّر يصل ارتفاعه إلى حوالي 60 سم. أوراقه بيضاوية الشكل خشنة أو مجعدة وعادة ما تكون مفردة، وتتراوح ألوانها بين الأخضر الرمادي والأخضر الباهت، وبعض الأصناف متعدّدة الألوان. تنمو الأزهار على شكل عناقيد وتتميز بتاج ذو شفتين أنبوبيتين جذاب لمجموعة متنوعة من حاملي اللقاح، بما في ذلك النحل والفراشات والطيور الطنّانة. يمكن أن تكون الزهور باللون الأرجواني والوردي والأبيض والأحمر وتنتج ثمارًا بذرية.
ونبتة الزعتر (Thymus) تنمو في لبنان وهي إحدى الأعشاب الشائعة فيه. يمكن العثور على الزعتر في الجبال والمروج والأراضي الزراعيّة. ويستخدم في المطبخ اللبناني بشكل واسع لإضفاء نكهة فريدة وعطرية على الأطعمة. يُضاف إلى الأطباق المشويّة والمقبلات والصلصات والشوربات والسلطات والأطباق العديدة الأخرى لإضفاء نكهة طيبة ونعناعية عليها. يُقدّر الزعتر في لبنان لقيمته الغذائية والطبّية ولارتباطه بالمأكولات التقليديّة والثقافة اللبنانيّة. ومن أشهر المأكولات الزعتريّة هي “المنقوشة” اللبنانيّة، وشهرتها أصبحت واسعة في منطقة الشرق الأوسط وحيث يتواجد المغترب اللبناني في أنحاء العالم.
الى ذلك يوجد عدة أنواع من الزعتر المحلّي في لبنان. وهي تنمو بعليًّا أو تُزرع وتستخدم في المطبخ اللبناني. وبعض الأنواع الشائعة من النبتة في لبنان تشمل:
1- زعتر لبناني (Thymus libanoticus) :يعتبر نوعًا محليًا خاصًا بلبنان غير موجود في أي مكان آخر في العالم، ويتميز بنكهته القوية والعطرية الفريدة.
2- زعتر الجبل (Thymus vulgaris) :زعتر جبلي ويتميز بأوراقه الصغيرة الرمادية اللون ونكهته القوية.
3- زعتر الجبل الأخضر (Thymus herba-barona) :ويعتبر مميزًا برائحته التي تشبه رائحة اللحم المشوي، ويستخدم في تتبيلات اللحوم.
4- زعتر البحر (Coridothymus capitatus) :ينتشر في المناطق الساحلية في لبنان، ويتميّز بأوراقه الصغيرة ونكهته العطريّة.
وتعتبر هذه الأنواع الأربعة من الأكثر المعروفة الّتي يتميّز بها لبنان نظرا لفرادتها وارتباطها ارتباطًأ وثيقًا بالأرض اللبنانية، وقد يوجد المزيد من التنوعات الفردية والمحليّة التي يمكن العثور عليها في المناطق المختلفة من البلاد، تمّ استقدامها قديما من بعثات تبشيرية من الصين.