عجز البلديات يحول شوارع قرى النبطية الى مكبات نفايات متنقلة
تفاقمت في الفترة الأخيرة وفي مناطق عدة أزمة النفايات، بدءاً من الطريق المؤدية الى مطار رفيق الحريري، حيث اعتاد اللبناني الرائحة الكريهة التي يتنشقها طوال مروره عليها، فيضطر الى اغلاق أنفه لدقائق ويرفقه بسيل من الشتائم والسباب. لكن هذه العادة لم تعد ملكيتها محصورة بطريق المطار، انما تعدتها لتطال الأراضي اللبنانية كافة من الشمال الى الجنوب، إن كان بسبب عدم قبول عمال الشركات التقاضي بالليرة اللبنانية أو لعدم وجود مطامر كبلدة القصيبة الجنوبية.
في السياق، أشار رئيس بلدية القصيبة محمد غازي ياسين عبر موقع “لبنان الكبير” الى أن “أزمة النفايات في الجنوب موجعة، وهي ليست وليدة اليوم، بل نعاني منها منذ ٤ سنوات، ولكنها لم تكن تحظى بتغطية اعلامية. واليوم نراها تغزو غالبية قرى قضاء النبطية وحتى النبطية نفسها، ما استدعى من أهالي القصيبة الاحتجاج والانتفاض على ذلك بسبب عدم وجود الخراج والمساحات البعيدة عن السكان لرمي النفايات وطمرها، اضافة الى أن فصل الصيف والحرارة العالية يسهمان في انتشار الرائحة الكريهة بطريقة سريعة.”
وأوضح ياسين أن “القصيبة تقع جغرافياً بين ٦ قرى وهي صغيرة المساحة ومتداخلة سكانياً مع الجيران، فلا وديان أو خراج لإنشاء المطامر أو المكبات، وحتى سابقاً لم يكن في البلدة مطمر، بل كانت ترمي نفاياتها في المطامر الخارجية الا أنها أقفلت بسبب الحرائق العشوائية وعدم التزام الشركات بشروط الطمر اللازمة، ما خلق هذه الأزمة ولا تزال النفايات مكدّسة في الشوارع. ونحن في صدد ايجاد الحلول بالتواصل مع اتحاد بلديات الشقيف على أمل أن نلقى نتيجة في مطلع الأسبوع، ولو وجدنا اليوم مطمراً مؤقتاً لما كنا تركنا النفايات في الشوارع، علماً أن أي بلدة مجاورة لم تقبل باستقبال نفايات بلدة أخرى لأسباب سياسية أو غيرها”.
وأكد أن “الدولة واتحاد البلديات عجزا عن ايجاد حلول لهذه الأزمة الموجودة منذ سنوات، ونحن وصلنا الى مرحلة لا يمكن فيها للبلدية رفع النفايات الا بجهود أهالي القصيبة بحيث أن كلفة الرفع والنقل عالية جداً بالنسبة الى موازنة البلدية، ولا يمكننا في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يجتاح لبنان أن نحمّل البلدية كامل الأعباء، فالعائدات التي تحصل عليها الأخيرة من الدولة لا تزال بالليرة اللبنانية وغير منتظمة، اذ أن المستحقات التي تتقاضاها بلدية القصيبة لا تكفي للكلفة التشغيلية، ولا تكفي كلفة رفع النفايات لشهر واحد، وبالتالي أصبحت البلدية عاجزة عن تقديم أدنى الخدمات المطلوبة منها، هذا المبلغ (ما بمشّي ضيعة)”.
وقال أحد المحتجين من أهالي المنطقة لموقع “لبنان الكبير”: “قبل أيام قليلة احتج العديد من أبناء بلدة القصيبة والضيع المجاورة على أزمة النفايات، وأقدمنا على اقفال طريق النبطية – منطقة صور عند محلة كفردجال، ووضعنا جرارات زراعية وعوائق حديدية وسط الطريق عند مثلث كفردجال، ما أدى الى قطع الطريق بين النبطية وبلداتها وقطاع صور”. ولفت الى أن “الهدف كان الضغط على البلدية والاتحاد لحل هذه الأزمة قبل بلوغ ذروتها لعدم التسبب بأزمة صحية وبيئية، لكن اليوم تراجع المحتجون عن الاستمرار في قطع الطريق حتى اشعار آخر، علّ البلدية والاتحاد يتوصلان كما فاعليات المنطقة الى حل سليم.”
لا تقتصر الأزمة على الجنوب أو قضاء النبطية وحسب، اذ أن الأراضي اللبنانية كافة شهدت تكدساً للنفايات في الشوارع في تموز، بسبب إضراب العمّال الأجانب في الشركات المتخصصة برفع النفايات عن العمل، لرفضهم تقاضي رواتبهم بالليرة اللبنانية التي تدهورت قيمتها الشرائية.
وفي الساعات القليلة الماضية، تصاعدت الأدخنة والانبعاثات المسرطنة من كفرتبنيت، ومن جبل نفايات عدلون الذي يقع في محيط سكني ما يهدد الصحة والسلامة العامة، وهو مرشح للاشتعال مجدداً في أي لحظة، كما أن الجبل الذي تحرق فيه النفايات يخفي تحته حفرة كبيرة مطمورة بها.
عادة في الصيف وعطلة نهاية الأسبوع يهرب الجنوبيون وسكان بيروت الى الضيعة حيث الهواء النقي الخالي من الملوّثات، الا أنهم اليوم بدل استقبالهم مع المغتربين برائحة الورد وتراب الضيعة، يستقبلون برائحة النفايات والتلوث الذي أنتجته الدولة الفاسدة والعاجزة عن تأمين السلامة لهم، لانشغالها بالصفقات التي تفوح منها الروائح الكريهة.
لبنان الجديد – نور فياض