“آباء صغار” يحملون همّ عائلاتهم.. عمالة الأطفال في لبنان مخيفة!
“لم يعد لديّ ثقة حتى بأهلي..” بغصة وحرقة يسرد كمال الذي كان طالبَ شهادة متوسطة في الأمس القريب مصيره الذي يواجهه في لبنان، إذ اتخذ قرارًا يعتبره الاقسى في حياته وهو ترك مقاعد الدراسة، وفتح “بسطة” علك وحلويات أمام جامعات لبنان التي يتنقل بينها خلال يومه ليعود إلى أحد كاراجات الميكانيك ليستكمل بقية نهاره، بعد أن عجز أبوه عن تأمين لقمة عيش عائلته المكونة من سبعة أفراد، عدا عن مصاريف الدواء التي يعمل كمال جاهدًا كي يؤمنّها لوالدته.
حال كمال صورة مصغّرة عن عشرات الآلاف من الأطفال اللبنانيين الذين لم يصمدوا أمام الأزمة الإقتصادية، ليُجبر الآباء على وقف مسيرة أطفالهم التعليمية، والضغط عليهم لأجل تعلّم صنعة ما، يكسبون من خلالها الأموال، لأن قدرتهم على تأمين مستلزمات الدراسة باتت شبه معدومة.
تدابير ولكن…
تلفت منظمة اليونسيف في آخر تقرير صدر عنها الى حجم المشكلة التي تستشري يومًا بعد يوم، خصوصا مع إقفال المدارس الرسمية في لبنان لفترات طويلة، ما أعطى دافعًا قويًا للأهالي إلى أن يرسلوا أولادهم للعمل ، ظنًا منهم أنّه حان وقت التكيف مع المصائب.
مديرة إحدى الجمعيات التي تهتم بشؤون الأطفال أوضحت خلال حديث ل “لبنان 24″ أن الأرقام الرسمية تستدعي تحركًا كبيرًا من قبل اللجنة النيابية المسؤولة، ومن قبل وزير الشؤون الإجتماعية بالتحديد، إذ إن 9 من أصل 10 أسر غير قادرة على تأمين ضروريات الحياة، و 3 أسر من أصل هذه التسعة أوقفت إرسال أبنائها إلى المدارس بشكل كامل، ما يطرح علامة استفهام حول مستقبل جيل كامل بدأ بتضييع مستقبله منذ بدء جائحة كورونا، وأطاحت به الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة.
وتؤكّد مديرة الجمعية على أن أكثر من 85% من الأطفال الذين أوقفوا دراستهم هم يعملون بمختلف الأعمال والمهن بدءًا من المطاعم وصولا إلى كاراج الميكانيك، والحدادة، والنجارة… وتؤكد ان كافة التدابير التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، أو اللجان النيابية كانت جيدة في المضمون إلا أن التطبيق العملي غالبًا ما كان دون نتيجة تذكر، فعام 2000 مثلا وقّعت الحكومة مذكرة مع منظمة العمل الدولية ضمن برنامج القضاء على عمل الأطفال، وفي السنة التالية صادقت على اتفاقية العمل الدولية رقم 182 بشأن تحظير أسوأ أشكال عمل الأطفال وغيرها، أضف إلى وضع استراتيجية لمكافحة عمل الأطفال في عام 2004 وافقت عليها الحكومة اللبنانية في السنة التالية والأهم اصدار الحكومة المرسوم رقم 8987 ما يعني تشدد الحكومة بتطبيق حيثيات هذه القرارات المتخذة، ولكن لا حياة لمن تنادي.