“الزوفا والطيون” لكسب لقمة العيش بعيداً عن العوز والحاجة
يبتكر المواطن الجنوبي أساليب للعيش في ظل الوضع المعيشي والاقتصادي الصعب، فيلجأ إلى قطاف “الزوفا” من البريّة كمصدر دخل للافراد والعائلات، حيث يباع الكيلو الواحد بمليون ليرة، مخلوطاً مع ورد الحصان وزهور أخرى، وهو يسد رمق العيش نوعاً ما، في ظل قلة مصادر العمل وتراجع القدرة الشرائية للمواطن.
هذه النبتة العطرية، عادة ما تنبت قرب الأنهر وفي التلال والأودية، وهي تكون للشتاء في المنزل، للغلي والشرب تفادياً للرشح ونزلات البرد، حيث تعطي دفئاً للجسم خلال فصل الشتاء، فيما الطيّون، الذي ينتشر بكثرة في الأودية والتلال والبرية، يستخدم في الطب العربي “لكي” الجرح وتضميده، ويباع الكيلو بسعر 200 ألف ليرة.
في هذا السياق، يشير الخبير الزراعي وعضو بلدية يحمر ومسؤول جمعية “جهاد البناء” في البلدة ناصر عليق، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنه قبل التطور العلمي والطبي، كان الطب البلدي والقروي والشعبي يعتمد نبتة “الزوفا”، التي تستخدم في المشروب بدل الشاي، وهي مفيدة جداً للعديد من الأمراض ومهدئة للاعصاب وتعدّل الضغط، ويلفت إلى أنها من النباتات العطريّة والطبّية، التي كان يعتمد عليها أجدادنا قبل انتشار الشاي، لكنها لم تدخل الحداثة، كالزعتر، من حيث زراعتها بكثافة في الحقول.
ويوضح علّيق أنها تساعد على التخلص من الربو وحماية الجهازين الهضمي والتنفسي وتخلصهما من الفضلات، كما تنظم نبضات القلب وتحمي المسالك البولية، ويضيف: “نحن نقوم بتجفيفها ونخلطها مع مجموعة من الزهورات، (ورد الحصان وزهر القندَول والزعرور واللوز)، لتصبح صالحة للشرب بعد غليها على النار”، ويشير إلى أن الطيون يدخل في معالجة أمراض اللثة والأسنان والاسهال ومداواة الجروح ويعدّل نسبة السكر في الدم.
من جانبه، يوضح عضو بلدية يحمر واصف علي جابر، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنه بعد إنتهاء العام الدراسي، حيث يعمل سائقاً لباص نقل طلاب، بدأ بالعمل على جمع الزوفا والطيون من خراج البلدة على مقربة من الليطاني، ويلفت إلى أننا “نعود يومياً محمّلين بالرزق الذي لا يسد رمق العيش”، لكنه يسأل: “ماذا نفعل في الوقت الذي تُسدّ فيه كل الأبواب أمامنا”؟.
بدوره، يشير علي بلوط، وهو رب عائلة تضم 5 أبناء، إلى أنه يقوم مع أولاده بقطاف الزهور المُشار اليها قرب الليطاني، في حين تتولى زوجته التجفيف والخلط مع باقي الأزهار، ثم تبيع الكيلو بمليون ليرة والضمة وقطرها 15 سنتمتراً بـ400 ألفاً، ويضيف: “نريد العيش بكرامة ونفتش عن مصادر رزق، فالأرض ملأى بالخيرات وعلى الانسان أن يبذل جهداً”.
بينما تلفت حسنية حرب إلى أنها تجمع الزوفا وتبيعه، حيث يبلغ ثمن الكيلو 500 ألفاً، وتشير إلى أن “الحياة صعبة ومرّة والعيش يتطلب مصادر دخل، وليس أمامنا الا البحث عن نبتة “الزوفا” نسد رمق العيش بها”.
النشرة