سرقة العقارات في الجنوب مستمرة… وسابقة قضائية يسجلها القاضي احمد مزهر
ما زالت مشاعات وأراضي الجنوب محط الأنظار، وتحديداً الخاضعة للمسح الاختياري، أو غير المسجّلة بعد. المسألة أخذت بعداً قانونياً بعد قرار قاضي الأمور العقارية القاضي أحمد مزهر بوقف أعمال المسح في بلدة تولين الجنوبية، عقب مخالفات جمّة شابتها، وتحديداً السرقات القائمة بين المختار والمسّاح، تبعاً لما جاء في نص القرار القضائي.
فالتزوير والتلاعب بملف المسح الاختياري عاد إلى الواجهة بإصدار القاضي مزهر قراراً قضى بكفّ يد فرقة المساحة ورئيسها، المكلفة المسح في تولين، حتى إشعار آخر، بموجب القرار رقم2023/101، وتكليفهم بتسليم محاضر التحديد والتحرير المنظمة من قبلهم إلى رئيس قلم المحكمة الياس عطية مع كل المستندات المتعلقة بها خلال مهلة خمسة أسابيع من تبلغهم القرار الراهن، ووقف أي عمليات تسجيل أو إعطاء إفادات تسجيل أو إفادات عقارية فيها لحين صدور قرار مخالف عن هذه المحكمة. كما قضى القرار ورقمه 1926/186، بتوقيف كل أعمال المساحة الجارية في منطقة تولين العقارية في المرحلة الراهنة. وأحال مزهر الملف إلى المديرية العامة للشؤون العقارية لفتح تحقيق في المخالفات الحاصلة لاتخاذ الإجراء القانوني الجزائي المناسب.
بالطبع استفاد هؤلاء من حال الفوضى، ولكن كيف تجرى عملية سرقة العقارات؟
تقول مصادر متابعة إنّ المسألة سهلة، إذ يتم تزوير الأوراق أو استخدام أوراق وهمية لوضع اليد على العقارات. وهناك طريقة ذكية أخرى، إذ يعمد بعضهم إلى شراء قطعة أرض صغيرة في محاذاة أرض مشاع، وعن طريق الرشوة يزوّد هؤلاء أوراقاً وهمية تفيد أنّ هذه الأراضي هي ملك لهم، طالما أنّ المسح لم يشملها، والنصف دونم يصبح 20 و30 دونماً… عادة ما تتم هذه العملية بالتعاون مع أصحاب الأموال الذين يدفعون مثلاً 20 ألف دولار للاستيلاء على عقارات تساوي ملايين الدولارات، هذه الفوضى تحوّلت منجم ذهب للجنة المساحة.
سابقة قضائية
ليست المرة الأولى التي تدور فيها الشبهات حول ملف مسح الأراضي في قرى الشريط الحدودي، إلا أنها المرة الأولى التي تتزامن فيها مع دعوى قضائية استتبعت بقرار قضائي كفّ يد لجنة المساحة عن العمل في مشاعات وأراضي بلدة تولين الجنوبية. ومن الصعب التكهّن بما ستؤول إليه القضية: هل تصل إلى محاسبة «حرامية» العقارات، أم لفلفة الملف على قاعدة «حصل خطأ فني وقضي الأمر؟». يبدو أنّ السرقة أو وضع اليد على أراضي القرى غير الممسوحة، شغل بعض لجان المساحة ومعهم مخاتير، وقد تحوّل بعضهم ملّاكي أراض وصاروا فوق الريح، وفق ما يقول العديد من أبناء بلدة تولين الذين تعرضوا «للنصب والتزوير» وسرقة أراضيهم.
الضجة الكبيرة التي أثارها الملف اليوم جاءت بعدما تقدّمت إحدى السيدات بدعوى قضائية لدى القاضي مزهر، حول تزوير طال 3 عقارات كانت قد اشترتها قبل عشر سنوات. تقول إنها تفاجأت بأنّ مسح عقاراتها الثلاثة في تولين تمّ بأرقام وأسماء أشخاص آخرين، وأنها حاولت الاستحصال على إفادة عقارية في السجل رقم 1 في العقارية، «تفاجأت بعد أسبوع أن السجل اختفى». وتشير إلى أنّ لجنة المساحة المؤلفة من مسّاح ومختار وعضو اختياري حاولت التغرير بها، واستبدال عقاراتها التي تملك أوراقها العقارية بأخرى مشاعاً.
عشر سنوات من المماطلة عانتها السيدة، لكنّ المفارقة أنه حين وصل الملف إلى إفادة التخمين لتسجيله، تمنّع رئيس بلدية تولين عن إعطائها الإفادة بحجّة «ما فييّ فوت بمواجهة مع الأهالي». لا يقف التلاعب هنا، «بل فرض عليّ تعيين مسّاح للعقارات، ووضع تخمين مرتفع تجاوز2500 دولار للحؤول دون قدرتي على تسجيل العقارات، وقد دفعت للمّساح وحده 5000 دولار».
وحين خرجت الأمور عن حدّها تقدّمت بشكوى لدى القاضي أحمد مزهر «الذي أثق أنه سيعيد حقي الي». فكفّ القاضي يد المسّاح واللجنة، وتوقف المسح الاختياري في تولين. وتتحدّث السيدة عن تعرّضها للسرقة والتزوير من قبل لجنة المساحة، التي تتلاعب بالعقارات وتضع يدها على كثير منها لقاء مبالغ طائلة.
سرقة ممنهجة
ووفق مصادر متابعة للملف، فإنّ سرقة العقارات تتم بطريقة ممنهجة عن طريق تقاسم الحصص والغنائم. حالياً، المسح متوقف في بلدة تولين في انتظار ما ستؤول اليه التحقيقات في الملف، وتمّ كفّ يد المساح ح. ق وهو يخضع للتحقيق إلى جانب موظفين آخرين منهم أمين السجل العقاري، في ملف سلب أراض ووضع اليد عليها عن طريق التزوير.
وفق المعلومات، فإنّ هناك طريقين للتحقيق: إما أن يستكمل وفق الأصول القانونية أو تتم لفلفته باعتماد توليفة قضائية تقول إنّ ما حصل خطأ تقني. ويعتقد البعض أنّ «التخبيص» الحاصل في كل قرى المسح «مقصود» لتوزيع الحصص ووضع اليد على عقارات جرى تغيير وقوعاتها، خصوصاً أن هناك اناساً متضررين من توقف المسح وتريد إنهاء ملفاتها.
نداء الوطن – رمال جوني