الفوسفور الابيض فتك ب ” نحل عيترون ” والخسائر كبيرة
ليس واضحاً بعد متى تنتهي الحرب، إذ طال أمدها بشكل كبير مع دخولها شهرها الرابع، مع ما تحمله من دمار وخراب يلحق بالبلدات والقرى الجنوبية، كما تركت الحرب آثارها على الدورة الاقتصادية لبلدة عيترون، وغيّرت هوية منظومتها التجارية.
قبل الحرب كانت عيترون قبلة القرى التجارية وحتى الزراعية، تُعدّ البلدة الأولى في جنوب لبنان بزراعة التبغ. لا يزال نحو ألف مزارع يعملون في “الدخان”، لم يتخلوا عن مرارة هذه اللقمة، رغم حجم الإجحاف الذي طالهم جرّاء أسعار “الريجي” وفقدان الضمان والرعاية، رغم ذلك صمدوا في “زرع الصمود” كما يصفها مزارعوها.
في العادة كان يتوجّه مزارعو عيترون في هذه الأيام إلى حقولهم لزرع بدار التبغ داخل خيم صغيرة، إلّا أنّ الحرب حالت دون ذلك. يشير رئيس بلديه عيترون سليم مراد إلى أنّه “لم يبقَ من سكّان البلدة سوى 5 بالمئة فقط، البقية نزحوا نحو قرى النبطية وصور، وتتم متابعة أوضاعهم عبر لجان محلية جرى تشكيلها، أما الصامدون فتجري متابعتهم عبر مركز الإنقاذ والإسعاف التابع للبلدية، ويوفر لهم الطعام والخبز ومقومات الصمود.
وسع العدوان الإسرائيلي مروحة اعتداءاته، معتمداً نظام الغارات المكثّفة على القرى والبلدات الجنوبية، دمّرت منازل عدة وسوتها بالأرض. نالت عيترون نصيبها، ثلاث غارات سقطت داخل أحيائها، مخلّفة دماراً كبيراً. تابع مراد عملية رفع الأنقاض التي نفّذتها آليات فرق الإنقاذ والإغاثة الخاصة بالبلدية.
ضريبة الحرب الاقتصادية تفوق بخسائرها الدمار والخراب، قطاعات حياتية أنهتها الحرب، أبرزها القطاع الحيواني. مصنعان لصناعة الأجبان والألبان توقفا بسبب الحرب، إذ كانت تستقبل ثلاثة أطنانٍ من الحليب شهريّاً، تدخل في صناعة ثمانية أصناف من الأجبان وتصدرها إلى السوق المحلي.
بحسب مراد فإنّ “المنظومة التجارية والاقتصادية للنّاس اهتزّت وهذا أمر طبيعي، لكن كلّ شيء سيعوّض بعد الحرب، وهذا أمر مفروغ منه”. ويضيف: “هناك حلول مرتقبة وبرامج يتمّ إعدادها للنهوض بهذه القطاعات فور توقف الحرب وتسمح للناس بتخطّي الأزمة لأنّها برامج سريعة تخفف من الأثر الاقتصادي”.
في عيترون نحو 50 مربياً للمواشي يملكون قرابة 500 بقرة، إضافة إلى وجود 30 نحّالاً يملكون 4000 قفير ينتجون 25 طنّاً من العسل سنوياً توازي 300 ألف دولار. ويلفت مراد إلى أنّ “هذين القطاعين هما الأكثر تضرّراً بالحرب، فمربّو الماشية إما باعوا أبقارهم بأسعار رخيصة وإما جرى نقلها خارج البلدة. أمّا النحل فتعرّض لنكسة خطيرة جدّاً، فالفوسفور الأبيض وفق مراد قد ترك أثره الكبير على الحياة الحيوانية، والنّحل أكثر المتضررين فيقتله ويسمّم الأزهار والنبات، وتمتدّ أضراره إلى المدى البعيد.
أثناء الهدنة أجرت مؤسّسة “جهاد البناء” مسحاً للأضرار الزراعية وفق مراد الذي أكّد أنها “كبيرة وزادت اليوم أكثر بفعل توسع الحرب”. وشدّد مراد “على أنّ البلدية لا تتوانى عن متابعة شؤون الناس الحياتية وإن توقفت معاملاتها الإدارية، وتقوم عبر فريق الإغاثة والإسعاف بفتح الطرقات بعد كل غارة وسحب الجرحى وتشييع الشهداء على طريق القدس، كما أنه جاهز لتلبية حاجات الناس كلها”.
لم تطفئ بلدية عيترون مولدات الكهرباء التابعة لها، رغم ما تتكبده من تكاليف تشغيلية عالية، “لأننا مصمّمون أن تبقى عيترون مضاءة مقابل المستعمرات الإسرائيلية”. لا يعوّل مراد كثيراً على دعم الجمعيات للنازحين ولا حتّى الدولة، فهي لم تتدخّل بالشكل المطلوب بعد، ويقول إنّ “الجهة الوحيدة التي تقدّم المساعدات للنازح اليوم هي “حزب الله” الذي يقف مع الناس على المستوى المعيشي والاقتصادي كما يساند غزة”، وفق مراد.
https://anbaaonline.com/news/233666