تقارير

الفوسفور يحرق 17 قرية جنوبية… وشكاوى لبنان “حبر على ورق”

دخلت الحرب شهرها الثامن والجبهة الجنوبية تزداد تصعيداً يوماً بعد يوم، ولا إحصاءات نهائية حول الخسائر المادية في القرى التي يطالها القصف والغارات، لكنها شبيهة بالدمار الذي خلّفته حرب تموز 2006، بحسب وصف الكثيرين من الأهالي، أما الخسائر الناتجة عن الحرائق التي تسببت فيها القنابل الفوسفورية والمضيئة، فهي إلى ارتفاع كلّ يوم نتيجة امتداده الى الأحراج والأراضي الزراعية.

وبحسب ما أوضح مصدر من وزارة الزراعة لموقع “لبنان الكبير”، فان الأرقام الرسمية ستصدر خلال أيام حول نسبة الأراضي المتضررة وفق المسوحات، أما النسب التي صرّحت عنها الوزارة قبل شهرين، فكانت على الشكل التالي 700 حريق ناتج عن الفوسفور الأبيض، أدى إلى تضرر 6000 دونم من الأراضي، واستهداف أكثر من 55 ألف شجرة زيتون معمّرة، لكن المصدر أكد أن الاحصاءات الجديدة تخطّت هذه الأرقام بكثير.

ووفق بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” نشرته على موقعها الرسمي، فان “استخدام الفوسفور الأبيض من إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرّض المدنيين لخطر جسيم ويساهم في تهجير المدنيين”.

وأشارت الى أنها تحققت من “استخدام القوات الاسرائيلية ذخائر الفوسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ تشرين الأول 2023، خمس منها استُخدمت فيها الذخائر المتفجرة جواً بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة”.

وأوضحت أن “الفوسفور الأبيض مادة كيميائية مستخدمة في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ، وتشتعل عند تعرضها للأوكسجين. تسبب آثارها الحارقة الوفاة أو الإصابات القاسية التي تؤدي إلى معاناة مدى الحياة. يمكنها إشعال النار في المنازل والمناطق الزراعية وغيرها من الأعيان المدنية. وبموجب القانون الانساني الدولي، استخدام الفوسفور الأبيض المتفجر في المناطق المأهولة بالسكان عشوائي بشكل غير قانوني، ولا يفي بالمتطلبات القانونية لاتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين”.

واعتبرت أن “استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض على نطاق واسع في جنوب لبنان يُبرز الحاجة إلى قانون دولي أقوى بشأن الأسلحة الحارقة. البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية هو الصك الوحيد الملزم قانوناً والمخصص تحديداً للأسلحة الحارقة. لبنان طرف في البروتوكول الثالث، لكن إسرائيل ليست طرفاً فيه”.

وأكد المحامي فاروق مغربي، المتخصص بالقانون الدولي الانساني، لموقع “لبنان الكبير”، أن هناك ثغرات في التشريعات التي لا تقول ان استعمال الأسلحة الحارقة ممنوعة ومحرّمة دولياً والتي تقع ضمن خانة جرائم الحرب. فالقانون يجب أن يتطوّر مع تطوّر العصور وتطوّر أساليب الحرب التي تبتكر أشكالاً جديدة للجريمة.

وأضاف مغربي: “يمكن لطائرة أو مسيّرة أن تقوم برش مواد حارقة فوق الأحراج وحرقها بقنبلة ضوئية، ولا شيء يمكن أن يدين هذا الفعل. الحكومة اللبنانية تكبل أيدينا، واكتفت بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وهي بطبيعة الحال لا تقدّم ولا تؤخر”.

أما تراجع لبنان عن قراره بالسماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم حرب على أراضيه، فأضاع “فرصة تاريخية” لتحقيق العدالة. وهذا التراجع لا يمكن أن يحصل من دون ضغوط محلية أو دولية، بحسب مغربي، الذي أوضح أن عدد الشكاوى التي قدّمتها وزارة الخارجية اللبنانية، الى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل منذ بدء اعتداءاتها على لبنان في تشرين الأول الماضي، بلغ 22 شكوى، “بقيت كلّها حبراً على ورق”.

وأفادت وكالة “فرانس برس”، بأن استخدام الفوسفور الأبيض أثار القلق بين المزارعين في جنوب لبنان الذين شاهدوا أراضيهم تحترق، فيما يخشى آخرون من تلوث في التربة والمحاصيل.

ويعتزم المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان أخذ عينات واسعة لتقييم أي تلوّث محتمل للتربة، وفق الأمينة العامة للمجلس تمارا الزين، “ونحن بانتظار وقف إطلاق النار لإرسال الفريق، لنقوم بهذا التقييم”.

وقال المدير المعاون لمركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت أنطوان كلاب للوكالة إن “النقص في البيانات” يتسبب في حالة ذعر، وان بعض المزارعين كانوا “يهرعون لإجراء فحص للعينات”.

ورأى أن “من المهم أن نقوم بأخذ العينات في أسرع وقت ممكن” لفهم ما إذا كان قصف الفوسفور الأبيض يشكل “خطراً عاماً على الصحة العامة، والأمن الغذائي، والنظام البيئي نفسه”.

لبنان الكبير –  فاطمة البسام

لقراءة المقال من المصدر :

https://www.grandlb.com/politics/80491/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى