سببان وراء استهداف النبطية الفوقا مساء امس .. اليكم التفاصيل
“ليبانون ديبايت”
في ظل التطورات التي تشهدها الجبهة الجنوبية، والقصف الإسرائيلي المفاجئ مساء أمس الثلاثاء الذي استهدف مدينة النبطية، يعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أكرم سريوي أن إسرائيل أخطأت في عدم الانسحاب ضمن المهلة المحددة، لأنها كانت تريد من خلال تمديد المهلة أن تظهر بصورة المنتصر، وبأن لها اليد العليا في تنفيذ الاتفاق.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”، قال سريوي: “إسرائيل أرادت أن تثبت بأنها قادرة على القصف واستهداف أي منطقة تراها تشكل خطراً عليها حتى بعد تنفيذ الاتفاق”.
وأضاف، “لكن الذي حصل حقيقة قلب المعادلة، إذ أن مشهد الجنوبيين العائدين إلى قراهم ظهر وكأنه تم تحرير هذه القرى بالقوة، لأن الجيش الإسرائيلي كان يمنع السكان من العودة إلى قراهم. دخولهم بهذا الشكل أعطى صورة نصر جديدة لأهالي الجنوب والمقاومة، خاصة أن كل هؤلاء عادوا رافعين رايات المقاومة”.
وتابع، “كانت تأمل إسرائيل بأن البيئة الحاضنة للمقاومة بعد كل هذا الدمار والخراب الذي حصل في بيوتهم وقراهم، ستصبح ضد المقاومة، وأن البيئة انقلبت على المقاومة. وهذا ما قالته إسرائيل أنها من خلال القصف المتعمد للأماكن السكنية كانت تريد زعزعة ثقة المواطنين بالمقاومة، وتحديداً بحزب الله”.
واستكمل، “لكن المشهد الذي رأيناه هو أن هؤلاء الجنوبيين عادوا ورفعوا رايات حزب الله فوق أنقاض منازلهم متمسكين بالمقاومة. هذا المشهد أزعج الإسرائيلي وأراد أن ينتقم لهذا المشهد، فرد بالأمس وقصف النبطية. هذا القصف طبعاً هو رد على ما حصل أولاً من دخول أهالي الجنوب إلى هذه القرى، وثانياً هو محاولة تثبيت قواعد جديدة للاشتباك، بأن إسرائيل حتى لو أصبحت خارج الحدود، ستستمر في قصف أي هدف لحزب الله تجده يشكل خطراً عليها، حتى لو كان خارج منطقة جنوب الليطاني”.
وشدد على أن “هذا هو ما تريده إسرائيل من خلال هذه العملية. ولكن مهلة التمديد التي حصلت الآن حتى 18 شباط، تشكل ضغطاً على إسرائيل، إذ أعتقد أنها التزمت خلال الاتفاق بأنها ستنفذ الانسحاب أولاً. ثانياً، أنها كانت تريد الاحتفاظ بخمس تلال استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بحجة أن هذا يؤمن أمن المستوطنات الشمالية. إلا أنني أعتقد أن الاتفاق الأخير تضمن بشكل واضح أن تدخل قوات الطوارئ الدولية وتستلم هذه النقاط، وأن إسرائيل ستنسحب إلى خلف الخط الأزرق”.
واستكمل، “إضافة إلى نقطة أخرى تم إضافتها طبعاً وهي تحرير أسرى حزب الله لدى إسرائيل. وعليه، باتت إسرائيل الآن محرجة ومجبرة على تنفيذ الاتفاق ضمن المهلة المحددة، خاصة أنها أعلنت أن 1 آذار سيكون موعداً لعودة المستوطنين إلى مستوطنات الشمال، وهي تعلم بأنها لا تستطيع أن تعيد هؤلاء إلا إذا نُفّذ الاتفاق وانتهت بشكل نهائي مسألة الحرب أو المعارك في الجنوب”.
وأشار إلى أن “إسرائيل تتحجج بأن الجيش اللبناني غير جاهز للانتشار، وهي تريد الآن تمديد المهلة بحجة أن التقارير الإسرائيلية تقول بأن من الخطأ الانسحاب قبل أن يكون الجيش اللبناني جاهزاً للانتشار. والحقيقة أن إسرائيل ما زالت موجودة في 14 قرية داخل الأراضي اللبنانية، وإذا حسبنا هذه المساحة وحاجة الجيش اللبناني للانتشار في هذه المنطقة، فإنها لا تزيد عن كتيبة وبحد أقصى كتيبتين، يعني ليس أكثر من ذلك بحوالى 500 عسكري. وهذه ليست مشكلة في الجيش اللبناني، ولا يوجد أي عائق أمام الانتشار”.
وقال: “الجيش اللبناني يملك كل الإمكانات وكل الجهوزية للانتشار في هذه القرى التي ستنسحب منها إسرائيل بشكل سريع وفوري. يعني لا يحتاج إلى تحضيرات، ولا يحتاج إلى وقت. هذه الحجة التي تتذرع بها إسرائيل هي ساقطة حتماً”.
وعن احتمالية رد حزب الله، لا سيما بعد استهداف النبطية ليل أمس، رأى سريوي أن “حزب الله لن يرد على العملية قبل انتهاء المهلة الممددة إلى 18 شباط، لأن أي رد الآن سيضع حزب الله في خانة الاتهام بأنه هو الذي أسقط الاتفاق، وهو الذي أعاد الأمور إلى نقطة الصفر والعودة إلى الحرب”.
وأضاف، “أنا لا أعتقد أن الحزب سيرد، وبالتالي لن يتحمل مسؤولية خرق الاتفاق كما خرقته إسرائيل. سيصبح الاتفاق خرقاً من الطرفين، وبالتالي يتحمل هو مسؤولية العودة إلى نقطة الصفر. لن يفعل ذلك، وعليه سينتظر الحزب إلى ما بعد 18 شباط. ولكن في حال أصر الإسرائيلي على البقاء في الأراضي اللبنانية بعد هذه المهلة، عندها نعم، أعتقد أنه ليس حزب الله الذي سيتبنى المقاومة، بل الدولة اللبنانية ستتبنى مشروع مقاومة الاحتلال بكل الطرق، بدءاً من الطرق السياسية والدبلوماسية، وقد تصل الأمور نعم إلى المقاومة العسكرية، لأن الدولة اللبنانية الآن هي في الواجهة وهي المسؤولة عن تحرير أرضها”.
وأردف: “أنا لا أعتقد أن الدولة اللبنانية، خاصة بوجود رئيس جمهورية كالعماد جوزاف عون، ستتخلى عن أي شبر من الأراضي اللبنانية، ولا تفرّط بالسيادة اللبنانية على أي شبر من أراضي لبنان”.
وفي الختام، استبعد سريوي أن “نعود إلى حرب كبرى، خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن ترى الحرب مجدداً، لا في لبنان ولا في منطقة الشرق الأوسط. لذلك، أعتقد أن الأمور انتهت وستنتهي عند هذا الحد، وستكون إسرائيل مجبرة على الانسحاب. وسنعود إلى مرحلة الهدنة، على أن تتم هناك وعود بمباحثات لاحقة لترسيم أو تحديد بعض النقاط المختلف عليها على الحدود، إضافة إلى مواضيع أخرى مثل مزارع شبعة وغيرها”.