لبنانيات

لبنان خلال رمضان: تكلفة الإفطار عبءٌ على العائلات

يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة تتعمق كل يوم، ولقد زادت الحرب الأخيرة من شدة هذه المأساة، وأصبح الواقع الاقتصادي الراهن يفرض تحديات متزايدة على الأسرة اللبنانية، خصوصاً في شهر رمضان المبارك، مما جعل تلبية احتياجات الإفطار اليومية على مدى شهر كامل أمراً في غاية الصعوبة.

فمع الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، أصبح تحضير وجبة الإفطار عبئاً حقيقياً على العديد من العائلات اللبنانية، وأصبحت الأطباق التي كانت تُعتبر بديهية مثل “الشوربة”، و”الفتوش”، و”البطاطا المقلية” صعبة المنال.

وقال محمد شمالي، العامل في محل للخضار في منطقة الملا ببيروت، في حديثه لـ”العربية”، أن سعر طبق الفتوش بلغ حوالي 800 ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل 10 دولارات، وذلك للمكونات الأساسية مثل الخيار، والبندورة، والخس، والبصل، والفجل، والبقدونس، والنعناع، والزعتر. لكن إذا أضفنا بعض المكونات الأخرى مثل الملفوف الأبيض والأحمر أو الجرجير، فإن تكلفة الطبق الرئيسي على مائدة الإفطار قد تصل إلى نحو المليون ليرة لبنانية.

العربية

من جانبه، أشار الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، إلى أن 70% من الأسر اللبنانية تواجه صعوبة في تحضير إفطار رمضاني لمدة 30 يوماً، حيث يعتمد معظمهم على تحويلات مالية من الخارج.

وأضاف شمس الدين أن “الحد الأدنى لتكلفة الإفطار في رمضان من دون احتساب سعر صحن الفتوش يبلغ حوالي المليون ونصف ليرة لبنانية أي حوالي 17 دولاراً، وإذا تم احتساب صحن الفتوش، فإن التكلفة الأدنى للإفطار الرمضاني تصل إلى نحو 27 دولاراً”.

وأوضح أنه “إذا كانت الأسرة اللبنانية ترغب في تحضير إفطار متواضع، من دون احتساب العصائر والحلويات وغيرها من الأطباق التي تُعد جزءاً من تقاليد الشهر المبارك، فإنها بحاجة لدخل يتجاوز 800 دولار خلال رمضان”.

ووصف المواطن محمد سلامة الوضع في شهر رمضان بالـ”مأساوي”، حيث أشار إلى أنه يحتاج يومياً إلى ما لا يقل عن 5 ملايين ليرة لبنانية لتغطية تكاليف الإفطار وحلويات رمضان، خصوصاً أنه يستضيف بناته الثلاثة مع أزواجهن، وقال أنه يضطر إلى الحصول على مساعدة مالية من أولاده لضمان استمرارية “لم شمل العائلة” في رمضان.

من جهته، أكد علي.م، سائق تاكسي، أن “اللحوم والدجاج والحلويات لا يمكن أن تكون حاضرة يومياً على السفرة”، وأشار إلى أن “الأسر أصبحت مضطرة لاعتماد التقشف الذاتي من خلال استثناء بعض الأطباق من الإفطار”.

أما مايا دعيبس، ربة منزل لأسرة مكونة من 4 أفراد، فقد أشارت إلى أن تحضير الطعام يومياً أصبح “تحدياً كبيراً”، وقالت أنها تحتاج إلى حوالي 25 دولاراً يومياً لإعداد إفطار يتكون من صحن الفتوش وطبق الأرز مع الدجاج، من دون احتساب الحلويات والعصائر.

وتساءلت مايا: “من يستطيع اليوم تأمين إفطار رمضاني متواضع لمدة 30 يوماً براتب 750 دولاراً؟”.

وأوضحت جولة لـ”العربية” على أسعار اللحوم والدجاج في بيروت أن متوسط كيلو الدجاج يبلغ حوالي 800 ألف ليرة لبنانية، في حين يصل سعر كيلو اللحم إلى نحو مليون ونصف ليرة لبنانية.

وأظهرت آخر التقارير الاقتصادية أن مؤشر أسعار المستهلك في لبنان ارتفع بنسبة 1.10% في كانون الثاني 2025 مقارنة بالشهر الذي سبقه، وهو الارتفاع الأقل في أربعة أشهر، بعد زيادة بنسبة 2.39% في كانون الأول 2024. هذا يشير إلى ضعف الطلب على السلع والخدمات، مما يترجم إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.

تجدر الإشارة إلى أن الانهيار الاقتصادي في لبنان أدى إلى صرف أعداد كبيرة من الموظفين وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، كما شهدت البلاد خلال الأشهر الماضية أزمات متعددة منذ خريف 2019، بعد انتفاضة شعبية ضد الطبقة السياسية التي كانت تُعتبر فاسدة وعاجزة عن وضع حدّ للأزمة الاقتصادية الحادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى