أخبار النبطية

ابن بلدة حاروف ” عباس ” يَهب نتاج خيمته من الخضار الى العوائل المتعففة في شهر الخير

على قاعدة «النّاس لبعضها»، يمضون في مبادراتهم الرّمضانية، في ظل الأزمة الخانقة التي يواجهونها. بات صعباً على ربّ الأسرة شراء أبسّط مقومات الإفطار، فكل شيء «نار». من رحم تلك المعاناة ولدت مبادرات الخير في الإفطار. تأتي «همّة» الشاب عبّاس ضمن هذا الإطار، إذ قرّر ابن بلدة حاروف الجنوبية، أن يَهب نتاج خيمته من البندورة والفليفلة والخسّ والفجل للأسر المتعفّفة في هذا الشهر، إنطلاقاً من شعوره بالمسؤولية تجاه هذه الشريحة من الناس. هو واحد من الشبان الذين يطمحون لبناء مشاريع استثمارية في وطنهم. وجد الاستثمار في الزراعة فرصة في زمن الإنهيار الاقتصادي.

لا بديل عن الأرض، أدْرك سلفاً أن القطاع الزراعي ليس بخير، ويتعرّض لمنافسة غير مشروعة من قبل البضائع المستوردة، غير أنه ميّز إنتاجه بجعله «عضويّاً»، ليكون أكثر سلامة على المستوى الغذائي. يتكبّد مبالغ كبيرة في شراء مياه الريّ. هذا الأمر لم يثنه عن مبادرته، لم يفكّر بالربح الماديّ، حصر تفكيره بفعل الخير. عدد لا بأس به من الأهالي، يرتكز على الفتّوش وكبّة البطاطا والعدس وحواضر البيت، مع سقوط الدّجاج واللحّم من موائد الكثيرين.

واقع بات حقيقة مؤلمة، «لذا قررت أن أقف بجانبهم، أمدّهم بالبندورة والفليفلة، لأكون شريكاً معهم في صناعة فرحة الإفطار». لم يبع كيلو البندورة بـ60 ألف ليرة، ولا كيلو الفليفلة بـ150 ألف ليرة. بل عمد إلى توزيعها بالمجان على الأسر الفقيرة اللبنانية والسورية على حد سواء. ما كان لينجح مشروعه لولا الدعم الذي حصل عليه من جمعية «شيلد» والـUNDP لتطويره وتحقيق الأرباح من خلاله، تحديداً في شهر رمضان حيث يرتفع الطلب على البندورة، غير أن هذه الأرباح أسقطها «كرمى لعيون الفقراء». ساعات طويلة يمضيها في خيمته، يعتني بها، يقطف ثمار البندورة، يوضبها ويوزعها سرّاً على الفقراء. لم يُفكّر بكلفة المياه المرتفعة التي يدفعها، ولا بثمن البذار.

 

فشل الدولة في رسم سياسات الإصلاح، ترجمه الناس في صياغة معادلات خيرية جامعة. أثبتت الأزمة أن الناس للناس، والتكافل الاجتماعي كان الحاضر الأقوى في شهر رحمة. في وقت تخلّت الدولة بكل أجهزتها عن المواطن وتركته فريسة للتجار، نجح عباس «بحبّة خير» في خلق موازين جديدة للتضامن الإنساني، مؤكّداً أن المزارع هو الأقرب إلى أهله وناسه. في وقت يستمر فيه تجار الفاكهة والخضار في سرقة الناس، تحمل مبادرة عبّاس في طيّاتها وعلى بساطتها قيمة العطاء في زمن باتت «الفواتير الساخنة» معيار التعامل بين الناس.

نداء الوطن – رمال جوني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى