تقارير

تفاصيل جديدة عن جماعة القربان …. هكذا جندت الجماعة علي فرحات وزوجته وهكذا نجا طفلهما من الموت

هزّ خبر انتحار الشاب اللبناني علي فرحات منذ أيام المجتمع اللبناني، واستدعى متابعات حثيثة من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، للوقوف على أبعاد هذا الحدث الذي بدأت تتكشف خيوط ارتباطه بجماعة دينية منحرفة متطرفة، تطلق على نفسها “جماعة القربان”، ويمكن تصنيفها تحت عنوان “الغلاة” في المصطلح الكلامي المقرر عند علماء العقيدة ..

قبل الخوض في حقيقة هذه الجماعة، ومن أين بدأت ومن وراءها، وفي طبيعة طقوسها الشيطانية، يبقى حدث إقدام علي فرحات على الانتحار من حيث البعد المكاني، يطرح ألف علامة استفهام على الخلفية الأمنية والمداليل السياسية والاجتماعية والثقافية، لهذا الحدث البالغ الخطورة.

فأن تحصل عملية انتحار فظيعة بهذه الطريقة في منطقة حارة حريك، هو الحدث الأشد خطورة كونه يطال منطقة تعتبر قلب الحوزة الدينية الشيعية في لبنان، حيث تتواجد مراكز الشيعة الدينية الأساسية من مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، إلى الحوزات العلمية اللبنانية، الأولى كالمعهد الشرعي الإسلامي ومعهد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وحوزة السيدة الزهراء (عليها السلام) النسائية وحوزة مركز آل البيت للدراسات الإسلامية التابع للراحل الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان وحوزة الإمام الجواد عليه السلام وغيرها من الحوزات، إلى جانب أغلب دور النشر والطباعة الدينية ومراكز ثقافية وصروح تربوية وفكرية عديدة، جعلت من حارة حريك مركز الحوزة العلمية في لبنان، إلى جانب كونها مقراً لسكنى مئات علماء الدين الشيعة .. من الأحياء والأموات.

فالبعد المكاني، يجعل للحدث أهمية خاصة، تستدعي النظر فيها وتحليلها، والوقوف على أبعادها الأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية .

والجدير بالذكر، أن هذه الجماعة اتخذت من محافظة الناصرية نقطة لانطلاق مشروعها التدميري، من خلال انشقاق مجموعة من الشباب عن التيار الصدري في المحافظة، لأسباب نفسية وسياسية، وقامت هذه المجموعة بتأسيس موكب لها، أطلقت عليه موكب شهيد الجمعة، لاستقطاب المزيد من عناصر ومناصري ومؤيدي التيار الصدري، وخصوصاً من فئة الشباب. وبلغ عدد المنتسبين لهذه الجماعة العشرات. وبدأت السلطات الأمنية العراقية بمكافحتها وملاحقتها، خشية تمددها في المحافظة وفي بقية المحافظات. وما زال وضع هذه الجماعة تحت السيطرة حتى الآن، وإن كانت قد استطاعت غسل دماغ مجموعة من الشباب العراقي في الناصرية، ليقدموا على الانتحار عراة طمعاً في دخول الجنة المزعومة، بعدما وقعت قرعة القربان عليهم، تلبية لأمر الأمير بحسب دعوى المروجين لهذه الفكرة الشيطانية.

تاريخ قصير

وبالعودة إلى تاريخ ظهور هذا الجماعة الضآلة ومهد ظهورها، فقد بدأ الحديث عن هذه الجماعة في العراق قبل ثلاثة أشهر فقط، وفي محافظة الناصرية بالتحديد، وتبين بعد ملاحقة أفرادها المعدودين من قبل السلطات الأمنية العراقية، أنها تروِّج لعقيدة تأليه الإمام علي من خلال تحريف فهم بعض الآيات القرآنية، وصولاً إلى إقناع الشباب بالانتحار لدخول الجنة، عبر عقيدة الموت بالقرعة أي (القربان)، التي ما أنزل الله بها من سلطان، بل تخالف كل الشرائع والأديان السماوية.

معتقدات خطيرة ومحرّمة

وقد أفادت التحقيقات الجنائية الأولية أن “علي فرحات إبن بلدة كفررمان الجنوبية، أتى قبل أسبوع من كندا قبل وقوع الجريمة، بصحبة زوجته فاطمة وولدهما إبن الشهرين ونصف.

وبحسب معتقدات هذه الجماعة، فقد وقعت القرعة على علي وزوجته وولده، لكي ينتحروا ويقدموا أنفسهم قرباناً للأمير، وهم عراة في منتصف الليل، بحسب طقوس هذه الجماعة المبتدعة التي تسمي هذا النوع من الفداء “الموت بالقرعة”، والذي تمارسه على قاعدة تعذيب النفس دون إلحاق الضرر بالغير، وهي من التسويلات الشيطانية في العقيدة الإسلامية والفقه الإسلامي، حيث أن حفظ النفس هو من أهم الواجبات في الدين الإسلامي، وقتل النفس هو من كبائر المحرمات، بل قتل النفس يُخرج صاحبه من الإيمان ، فقد ورد النهي عن قتل النفس في القرآن في قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، وورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: “إن المؤمن يبتلى بكل شيء إلا أن يقتل نفسه ” ..

والذي يظهر أن عملية تجنيد علي وزوجته، حصلت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مما يستدعي تشديد الرقابة الأمنية على هذه الوسائل، وتفعيل تجريم المخالفات القانونية، التي تحصل يومياً عبرها في كل دول العالم ..

ورغم كون علي فرحات من المتدينين – بحسب شهادة ذويه – ولكن أفكار هذه الجماعة تسللت إليه لتغسل دماغه بطريقة ذكية ..

وتنتظر التحقيقات تعافي فاطمة زوجة علي فرحات من كسور ورضوض بليغة، وذلك بعد إقدامها على محاولة انتحار فاشلة، متأثرة بفكر هذه الجماعة ، وبعد استنقاذ طفلها من بين يديها، من قبل ذويه بعدما حاولت قتله بنفس الطريقة تلبية لطقوس هذه الجماعة ..

فتعافي فاطمة قد يفتح باباً واسعاً للتعرف على خيوط تحرك هذه الجماعة، خصوصاً بعدما أفادت معلومات أولية عن تجنيد فاطمة في إفريقيا، مما يثير مخاوف تمدد هذه الجماعة وسط الجالية اللبنانية في القارتين الإفريقية والأمريكية، ويزيد من مخاوف تمددها داخل لبنان تباعاً ، وهذا ما تنتظر التحقيقات جلاءه بعد تعافي فاطمة من تداعيات حادثة محاولتها الانتحار ..

وفي الختام، فأن حادثة الانتحار في ضاحية بيروت الانفة الذكر، قد بعثت صدى إعلامي وشهرة كبيرة لهذه الجماعة، كان أكبر من حجمها الفعلي على الأرض، حيث ما زال حجم هذه الظاهرة محدودا ويمكن خنقه في المهد، اذا ما احسنت الجهات الامنية في لبنان والعراق العمل، ومعرفة اذا كانت جهة خارجية معادية، تدعم هذه الجماعة وتمولها، وكذلك اذا تكاتف فقهاء الشيعة ومراجعهم، وتضامنوا من أجل القيام بحملات توعية دينية فاعلة بين الشباب، لإظهار وحشية افكار جماعة “القربان” وزيف عقيدتهم الدموية.

جنوبية –

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى