هذه قصة الفورد ” ابو دعسة ” في النبطية
يتمسك حسن علي أحمد بسيارة الفورد «بودعسة» القديمة، التي اشتراها من ألمانيا في ستينات القرن الماضي، وهي «السيارة التي استخدمها هتلر في الحرب العالمية الثانية»، كما يقول، ويرفض التخلي عنها فهي مدللته، وجزء لا يتجزأ من ذاكرته «الحلوة» التي تذكّره بأحداث تاريخية ومصيرية مرّ فيها لبنان. والأهم أنها تذكّره بمرحلة صعبة من الفقر عاشها أهل لبنان ولا سيما الجنوب، إذ كان حضور السيارة بمثابة عجيبة.
ما كان بوسع علي أحمد الرجل السبعيني أن يشتري السيارة لولا سفره آنذاك إلى ألمانيا حيث كان يعمل، ومذ ذاك يحتفظ بالدودج وفورد «بودعسة» وغيرهما من السيارات العتيقة التي يتجول بها في بلدته كفررمان والجوار.
عشق السيارات القديمة نقله إلى حفيده فهد، الذي شغف بها، وصارت جزءاً لا يتجزأ من طموحه فيسعى لاقتناء مزيد منها، وقد اقتنيا أكثر من 5 سيارات منها، ويستسيغ فهد هذه السيارات لأنها فريدة ومميزة، وقلة تملكها، وهذا سر قيمتها. ويحفظ الجد حسن تاريخاً حافلاً بالأحداث التي عايشها كان يقظاً للحفاظ على إرثه العتيق، السيارات بالنسبة اليه الروح والتاريخ، ويرفض التخلي عن واحدة منها، «كثيراً ما قصدني أشخاص يطلبون شراءها، غير أني ارفض، هل من أحد يتخلى عن روحه؟».
يعتقد حسن كما فهد أنّ للسيارات القديمة عزاً مقبلاً، وهي تحظى بلفت انتباه كل من يراها، لها هيبتها وفخامتها. ربما تكون المرة الأولى التي تفتح النبطية أبوابها لسياحة السيارات القديمة، عشرات منها اصطفت في معرض عرض حكاية تاريخ، ولكل سيارة قصة يسعى أصحابها لسردها.
كانت المدينة تعجّ بالوافدين، اشتاقت الى هذه الأجواء الفرحة، مجموعة شبان قرروا أن يقيموا معرضاً سياحياً لسياراتهم، شاركتهم بلدية النبطية بالأمر، الفكرة تكمن في وضع المدينة على خارطة الانتباه، من النادر أن تحظى بلفتة سياحية، غيبت نفسها أو غُيبت لا فرق، إلا أنّ هناك جهوداً حثيثة تبذل لعودتها إلى خارطة الانتباه السياحي.
كانت عيون الحاضرين تتعقب السيارات الواحدة تلو الأخرى، كثر عادوا بالذاكرة إلى زمن أفلام الأبيض والأسود والعندليب عبد الحليم حافظ ورشدي اباظة، فسياراتهم أو شبيهتها كانت حاضرة في المهرجان الذي أقيم للتأكيد أن السيارات القديمة إرث سياحي جاذب.
يجول طلال بيطار بسيارته الفولكسفاغن الكشف، الذي يعود تاريخها إلى ستينات القرن الماضي، يفاخر بامتلاكه سيارة لا مثيل لها في لبنان، سرق الأنظار إليه في مَعْرِض السيارات، يرفض التخلي عنها فهي طفله المدلل على حد وصفه، يعتبرها جزءاً من الذاكرة التاريخية للبنان، ويرى في المعرض أنه يفتح المدينة على السياحة.
كانت سيارة الأمام المغيب السيد موسى الصدر الأكثر جذباً للانتباه، اشتراها محمد كمال من سائق السيد موسى الذي رغب في تخليدها، يشير كمال وهو أحد منظمي المهرجان السياحي الاول في النبطية إلى أن الهدف من المعرض التأكيد على أهمية سياحة السيارات، حيث شارك أكثر من 80 سيارة من مختلف الموديلات بين الـ1927 حتى 1967 بما تمثله من حضارة لبنان، وللتأكيد أن في الجنوب مئات السيارات القديمة.
بين سيارات «بودعسة» والفورد والمرسيدس والفولكسفاغن، كان عشاقها يتجولون في المعرض الذي أقيم في شارع حسن كامل الصباح، وتميز بأنه قدم نموذجاً آخر عن السياحة الداخلية التي جمعت كل لبنان على ارض النبطية، فالمشاركون من مختلف قرى لبنان، اجتمعوا ليقولوا إنّ السيارات القديمة سياحة مهمة، تجذب المقيم والمغترب والسائح الأجنبي، لأنها فريدة.
نداء الوطن – رمال جوني