‘إنقلاب كبير’ ضدّ ‘فتح’ في عين الحلوة.. هكذا أصبحت ‘معركة المُخيّم’!
محمد الجنون – لبنان 24
ما جرى في مُخيم عين الحلوة أمس السبت لم يكن عادياً أبداً على الصعيدِ العسكري، وما تبيّن هو أنّ حركة “فتح” تعرّضت لـ “إنقلابٍ كبيرٍ” غير مُعلن وباتت تخوضُ القتال بمفردها ضدّ مجموعتي “جُند الشام” و “الشباب المُسلم” بعدما خرجت “عصبة الأنصار” عن تحالفها معها، ونقلت المعركة إلى كافة المحاور في المخيم بعدما كانت محصورة في منطقتي الطوارئ والتعمير التحتاني.
هنا، المُعطيات الميدانية بكافة تفاصيلها تؤكدُ حصول إنقلاب “العصبة” على الحركة بعد مؤازرتها طيلة فترة التوتر التي بدأت منذ تموز الماضي، وهو أمرٌ أقرّت به قيادات بارزة في “فتح” إذ قالت لـ”لبنان24″ إنَّ “ما فعلته العصبة يُعتبرُ تحولاً خطيراً في سياق الأحداث داخل مُخيم عين الحلوة”، وتضيف: “خلال أيام قليلة، سيشهدُ المُخيم على ترتيبات جديدة ستخوضها فتح، سواء على الصعيد الميداني أو السياسي أو العسكري داخل عين الحلوة، حتى أنَّ التحالفات ستتبدل.. قريباً سيكون هناك وجهٌ آخر، وعلى الجميع أن ينتظر مُفاجآت”.
ماذا حصل؟
تكشفُ معلومات “لبنان24” أنَّ “عُصبة الأنصار” واجهت “فتح” بشكلٍ مباشر خلال إشتباكات يوم السبت، فعناصرها عمدوا إلى فتح جبهة الصفصاف – الرأس الأحمر بوضوحٍ ومن دون أيّ مواربة. بحسب مصادر “لبنان24″، فإنَّ هناك مجموعات يرأسها إبراهيم حوران (من عصبة الأنصار)، توفيق طه (من كتائب عبد الله عزام)، محمد العارفي، عبد فضة، خالد دياب، هي التي بادرت إلى مهاجمة مراكز “فتح” بين الصفصاف والرأس الأحمر، علماً أنَّ المنطقة الأخيرة لم تشهد توتراً أبداً طيلة الإشتباكات التي حصلت خلال الشهرين الماضيين.
تقولُ المصادر أيضاً إنَّ عناصر “عصبة الأنصار” أطلقت عملياتها من المركز الرئيسيّ التابع لها، فيما التحوُّل الخطير كان يتمثل بتحريك العُصبة لجماعات مُقرّبة منها في المُخيم، الأمر الذي يعني التالي:
1- نقل المعركة من محور إلى آخر، ما يعني إدخال كافة أحياء المخيم في الصراع الدائر. هنا، تُمثل هذه النقطة إنتقاصاً للإتفاقات التي حصلت مُسبقاً بشأن تحديد نطاق التوتر وحصرها بمناطق مُحدّدة.
2- إيقاظ خلايا كانت نائمة داخل المُخيم واستغلالها ضدّ حركة “فتح” وهذا الأمرُ كان واضحاً جداً على أكثر من محور. والمُفارقة هنا هو أنَّ عدم ضبط عصبة الأنصار لتلك الخلايا يُمثل إنقلاباً على الوعد الذي منحته لـ”فتح” وقيادتها بالتعامل فوراً مع أيّ عناصر تهاجم الحركة في أي حي داخل المُخيم وتحديداً في الصفصاف والرأس الأحمر.
3- ما حصل ساهمَ إلى حدّ كبير في تنفيس الضغط عن مُقاتلي “جند الشام” و “الشباب المسلم” وهو أمرٌ كانت تحذر منه حركة “فتح” خلال إجتماعاتها مع كافة الفصائل الفلسطينية.
4- إنّ ما يجري يعني تأجيل تحقيق تسليم المطلوبين المتهمين بجريمة اغتيال القيادي في “فتح” أبو أشرف العرموشي، وتقول مصادر فلسطينيّة إنَّ حلقات الإشتباك باتت تأخذُ الأمور إلى اتجاهات أخرى بعيداً عن الأهداف الأساسية التي كانت يجب أن تتحقق ميدانياً وأمنياً.
إذاً، ما جرى يوم أمس والمتوقع إستمراره في ظلّ بقاء التوتر، مثّل “ضربة قاضية” للعمل العسكريّ في عين الحلوة، وما يمكن قوله هو أنَّ “فتح” تعرّضت لطعنة من “عصبة الأنصار”. وهنا، تقول مصادر الحركة لـ”لبنان24″ إنَّ من إستشعر “إنقلاب” العصبة وخطرها قبل أي أحد، هو الجيش الذي كان يعملُ وبشكلٍ مُتقن وحكيم على متابعة أحداث عين الحلوة وضبطها، وتضيف: “لم يُخطئ الجيش حينما منعَ أبو شريف عقل، المُتحدث بإسم عصبة الأنصار، ورئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب من الخروج من المُخيّم قبل أسبوعين تقريباً. حتماً، كان الجيش يعلمُ تماماً ما تقوم به هاتان الجهتان في مخيم عين الحلوة، ولهذا ضيّق عليهما وأعطى الأوامر بمنع خروج أي شخصٍ منهما إلى ما بعد حدود المُخيم”.
في سياق حديثها، تقول المصادر إنَّ “الجيش يعي تماماً أنَّ العصبة على تواصلٍ وتحالف مع العناصر المسلحة داخل المُخيم، ولهذا السبب يتعاطى معها بالشكل المُناسب”، وتكمل: “نؤكد تماماً أن الجيش سيكونُ شريكاً في تحرير عين الحلوة من كل العناصر التي تمسُّ بأمن المخيم ومدينة صيدا، وطبعاً لن يقبلَ بتاتاً بأن تُرفرف أعلام داعش بدلاً من أعلام منظمة التحرير الفلسطينية التي تُعدّ السلطة الرسمية في المخيمات”.
أمام كلّ ما يجري، وبعد الإنقلاب الذي نفذته “عصبة الأنصار”، رجّحت مصادر “فتح” أنَّ تشكيل القوة الأمنية المشتركة التي حُكي عنها لجلب المطلوبين بجريمة اغتيال العرموشي، سيتعرض لعراقيل كثيرة، وتقول: “من الذي سينتمي إلى هذه القوة؟ فتح بمفردها؟ عصبة الأنصار كانت تنوي المشاركة في تلك القوة، أما اليوم وبعد الإنقلاب الذي جرى بشكلٍ ملموس.. ماذا سيكون موقفها؟ نُحذر من إنقلاب جماعات أخرى ضدّ الحركة في المُخيم وما يجري خطير جداً وهدفه كسر هيبة فتح وإبعادها نهائياً”.
بالنسبة لـ”فتح”، فإنَّ المواجهة الحقيقية هي داخل منطقة لبنانيّة بحتة، وتشير مصادرها إلى أنَّ العناصر المسلحة تتحصن داخل حي الطوارئ الذي يُعد شارعاً لبنانياً خارج المخيم، وتضيف: “إذاً، يحق للجيش الدخول إليه والضرب بيدٍ من حديد.. إن فتح تدافع عن أرضٍ لبنانية ضدّ إرهابيين ينتمون إلى داعش ويمثلون فلول تنظيم فتح الإسلام الذي واجه الجيش في مخيم نهر البارد عام 2007″.
اللافت أيضاً وسط كل الأحداث هو مسار الإعدامات الخطير الذي تجلى يوم أمس داخل المخيم، وما حصل داخل الرأس الأحمر من خلال هجوم عناصر مسلحة على أحد المدنيين المناصرين لـ”فتح” وإعدامه داخل منزله، إنّما يُمثل إنعطافة لا يُمكن تحملها بتاتاً.
كذلك، بيّن مسار المعارك أنَّ مسلحي “جند الشام” و “الشباب المسلم” عمدوا إلى إستخدام قذائف “هاون”، وهو أمرٌ تصفُه مصادر فلسطينية ميدانية في عين الحلوة بـ”الخطير” جداً، وتضيف: “إمتلاك المسلحين لقذائف هاون ومدافع يعني أن خطوط الإمداد باتجاههم مفتوحة، والمعلومات تفيد بأنَّ هناك جهات داخل المخيم ساهمت بتوفير المساعدات للمسلحين وتحديداً من منطقة الصفصاف التي تُسيطر عليها عصبة الأنصار”.
باختصار، ما يجري داخل مخيم عين الحلوة قد يُمهّد لإنفجار كبير.. والسؤال: من سيحسم المشهد؟ وهل سيكون للجيش الكلمة الفصل؟ فلننتظر ونراقب ما سيجري!
تطورات اليوم:
وصباح اليوم الأحد، عادت الإشتباكات لتتجدّد داخل المُخيم، وتقولُ معلومات “لبنان24″ إنَّ الإقتتال يتمحور بشكلٍ خاص عند محوري جبل الحليب وحطّين.
وتقول مصادر ميدانيّة في عين الحلوة لـ”لبنان24” إنَّ القذائف الصاروخية تُستخدم بشكلٍ مكثف وسط مواجهاتٍ مُسلحة عنيفة تُسمع أصداؤها في أرجاء مدينة صيدا.
وتأتي هذه الإشتباكات بعد هدوءٍ حذر سيطر على المخيم طيلة فترة الليل عقب جولة عنفٍ طويلة شهدها المخيم، السبت، وتقول المصادر إن “الهدنة الليلية لم تخلُ من خروقات عديدة تمثلت بإطلاق رشقاتٍ نارية أو قذائف صاروخية”.
ووسط التوتر القائم، جرى ليلاً التعميمُ على كافة قوات “الأمن الوطني الفلسطينيّ” بوجوب أخذ الحيطة والحذر من العبوات والإنتحاريين، الأنفاق والمخابئ السريّة تحت المنازل، الكمائن والهجمات المباغتة.