تقارير

“تلال من الركام”.. تفاصيل حكايا منازل في جنوب لبنان دمّرتها الحرب!

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” تقريراً جديداً تحت عنوان: “بي بي سي في جنوبي لبنان: منازل تحوّلت إلى تلال من الركام”، وجاء فيه:
على حافة حفرة عميقة من الركام، وبينما كنت أنظر إلى فراش ممزق في أسفلها، حاولتُ تخيّل شكل المبنى ذي الطابقين عندما كان قائما هنا قبل أيام فقط.
“نسمّي هذه البقعة حوض السباحة”.. هكذا قال لي أحد الجنود اللبنانيين الذين كانوا يرافقوننا في بلدة يارين الحدودية.
تكرّر المشهد في كل بلدة زرناها: مبان سوّيت بالأرض، تحيط بها محال ومنازل تضررت بشكل بالغ، وأخرى لم تتعرض لأي قصف ثم تظهر أخرى مدمرة بالكامل.
على الطريق العام في علما الشعب، توقفنا أمام ما كان فيلا فخمة، رُكنت في باحتها سيارة باتت مفحّمة. لم يبق من هذه الفيلا سوى كومة من الحطام المسوّر ببوابات من حديد.
تواصلنا مع مالكها الذي يدعى نديم صياح، والذي يبلغ اليوم 75 عاماً، وقد قضى معظم حياته في هذه الفيلا التي كانت تبلغ من العمر نصف القرن تقريباً.
بحسرة يتحدث صياح قائلاً: “نحن ندفع ثمن ما يحصل”. كذلك، يشير الرجل السبعيني إلى أنهُ دأب على ترك الأضواء مشعّة في الفيلا منذ تركها بسبب الأحداث، أملاً بأن يقيها المصير الذي حلّ بها، ويضيف: “خسرتُ كل شيء، البيت والمقتنيات والسيارات، ولكني سأعود فور استقرار الظروف حتى ولو اقتضى ذلك أن أعيش في خيمة على أرضي”.
منذ أن فتح حزب الله الجبهة في الجنوب بقصف مواقع عسكرية إسرائيلية في الثامن من تشرين الأول، إسناداً لغزة، باتت الهجمات المدفعية والغارات الإسرائيلية على القرى الحدودية تتكرر يومياً في أكثر من مكان ولمرات عدة.
وتحول الوضع في جنوب لبنان وشمالي إسرائيل إلى ساحة استهدافات متبادلة تشهد تصعيداً تدريجياً. ومع تزايد وتيرة العنف وتوسّعها، بات من الخطر الشديد زيارة المناطق الحدودية، حتى بالنسبة للإعلاميين إذ استشهد 3 منهم منذ بدء الإشتباكات.
في ظل هذا المستوى من الخطر، بدا الخيار الأكثر أمانا للقيام بجولة في تلك القرى هو مرافقة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوبي البلاد.
وكان كثيرون، قبل أشهر فقط، يشيدون بهذه القوات لأنها تُشرف على أطول فترة هدوء بين لبنان وإسرائيل منذ حرب تموز 2006 ثم انهار كل شيء.
بدورها، تقول منظمة الهجرة العالمية، إن أكثر من تسعين ألف شخص من جنوبي لبنان قد نزحوا، بينما تقول إسرائيل إنها أجلت نحو ثمانين ألف من سكان الشمال.
يقول حسين جواد الذي نزح من بلدة عيتا الشعب في تشرين الأول الماضي: “لا يزال منزلنا واقفاً، لكنه تضرّر كثيرا بالقصف”.
كان يعمل جواد، الأب لسبعة أولاد، في مجال البناء، لكنه أضحى اليوم بلا عمل بينما تعد بلدته، الواقعة على الحدود، الأكثر تضرراً بالقصف في الجنوب اللبناني.
المرة الأخيرة التي غامر فيها حسين بزيارة بلدته، كانت قبل أسابيع للمشاركة في مراسم تشييع قريب له. أما الآن فيحصل على أخبار بلدته ومنزله من عناصر الدفاع المدني الموجودين فيها أو من المختار الذي لم يغادرها.
وبحسب مشروع البيانات في مواقع النزاعات المسلحة، أكليد، فقد تم رصد أكثر من 5400 هجوم عبر الحدود بين “حزب الله” وإسرائيل، أكثر من 80% منها شنّها الجيش الإسرائيلي.
وبالعودة إلى الدورية في جنوب لبنان، فقد أصرّ قائد الكتيبة الإيطالية، الكولونيل ألبيرتو سالفادور على أن دور قوات حفظ السلام هناك لا يزال مهما، بالرغم من التصعيد العسكري المتواصل منذ 7 أشهر.
وفي تصريحٍ له، يقول سالفادور: “ما نشهده هو أن الناس على جانبي الحدود متعبون جداً وقد حان الوقت للسلام. التحدي المستقبلي بالنسبة لنا هو في مساعدة سكان البلدات الجنوبية للعودة إليها”.
وتختمُ “BBC” تقريرها بالقول: “رغم ذلك، إلا أنه لا يوجد مؤشر حتى اللحظة بأن ذلك قد يحصل في أي وقت قريب”، في إشارة إلى أنه قد لا يحل السلام قريباً في جنوب لبنان في ظل استمرار الاشتباكات.

لبنان 24 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى