أخبار الجنوب

شهر رمضان “غصّة” في قلوب أبناء القرى الحدودية

فاطمة البسام – لبنان الكبير

لم يكن يعلم المختار السابق لبلدة الضهيرة الجنوبية، علي أبو سمرا، أن شهر رمضان سيمر للمرّة الثانية على التوالي وهو خارج بلدته بسبب العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان، فاضطر الى ترك القرية التي حفظ حبات ترابها قسراً ليتحوّل إلى نازح يبحث عن ايجار بيت “أرخص”، على أمل أن يكون كلّ شهر تجديد للإيجار هو “الأخير”، وهكذا مرّت سنتان، وفق ما يقول لموقع “لبنان الكبير”.

يكمل الرجل الستيني، حديثه بكل غصّة، “رمضان السنة غير”، في إشارة منه الى الدمار الشامل الذي طال البلدة، بالاضافة إلى بيته ومزرعته، ويضيف: “لا يمر يوم من دون أن نستذكر، كيف كنّا ننعم بالأمان والسلام في الضهيرة، التي تحولت إلى تلال من الردم، أمّا اليوم وبسبب النزوح القسري، بتنا ندفع ثمن باقة الكزبرة، ونحن لم يسبق لنا أن اشترينا صنف خضار في شهر رمضان، لأن خيرات الأرض حولنا”.

ويؤكد أن “أعباءنا ومصاريفنا زادت بشكل لا نستطيع مجاراته، خصوصاً بسبب الغلاء الذي طال كلّ مقومات الحياة، في ظل غياب المساعدات التي نسمع عنها فقط، ولا نحصل عليها”.

ويوضح أبو سمرا أن “مصيرنا معلّق حتى اليوم، ولا نعلم مصير المنطقة، عسكرياً، وأمنياً، فنحن فقدنا الأمل بالعودة في الوقت الحالي، لأن الأمر سوف يستغرق سنوات”.

يعود بالذاكرة الى الأيام “الجميلة” كما يصفها، في البلدة المنكوبة، وخصوصاً في أيام الشهر المبارك، “كانت الساحة عامرة بالأحباب والأصدقاء، ولا يفارقون كراسيها، قبل حلول موعد آذان الفجر، يقصدون أحد جوامعها الثلاثة التي قصفها الجيش الاسرائيلي أيضاً”.

أمّا اليوم، فيقول أبو سمرا، “ليس هناك ما أقوم به، وأمضي يومي نائماً بإنتظار وقت الإفطار، لا بستان أقصده، ولا جيران”.

ابن بلدة الجبين الجنوبية يصف معاناته مع النزوح، فهو حتى اليوم يعيش في مركز للإيواء في مدينة صور، ويقول لموقع “لبنان الكبير”: “أعمل كلّ يوم عتّالاً، في اتحاد البلديات لما لا يقل عن 8 ساعات لقاء 10 دولارات، لا تكفي ثمن صحن فتوش في شهر رمضان، فسعر الخسّة الواحدة لا يقل عن 120 ألف ليرة، فكيف برأيكم يمر علينا شهر رمضان؟”.

ويضيف: “نحن في المدرسة حوالي 20 عائلة، من بلدات حدودية مختلفة، ومجموع الأطفال داخل المركز هو 15 طفلاً يعيشون ظروفاً صعبة”.

ويشير الى أن “الحياة قبل كانت أحلى، وكانت جيبتنا مليانة، وسفرة رمضان عامرة بجميع الأصناف والمأكولات التي نجني معظمها من الأرض”.

“كنا نعمل مناقيش وخبز مرقوق على السحور، وناكل مع لبنة بلدية من حليب البقرات عنا”، تقول أديبة فنش، في حديثها لموقع “لبنان الكبير”، مضيفة: “اليوم يمر علينا شهر رمضان بألف غصة، ونحن مبعدون عن أرضنا”.

تتذكر أديبة شهر رمضان الماضي، في بلدتها الضهيرة، بالقول: “كنا نتبادل صحون الطبخ قبل الإفطار، وتجتمع النسوة بعد الإفطار لشرب القهوة، كلّ يوم في بيت، لنختم زيارة بيوت معظم الضيعة مع انتهاء شهر رمضان”.

فاطمة البسام – لبنان الكبير

وتوضح “في السابق كنت أقوم بإعداد حلويات رمضان بجميع أصنافها، أمّا اليوم، فتوقفت عن ذلك لعدّة أسباب، منها أننا حزينون على ما مرينا ولا نزال نمر به، فضلاً عن الغلاء، فإختصرنا العديد من الأصناف والأشياء التي كنّا نحضرها في الشهر الكريم”.

وتذكر بأن “الخسائر الأكبر تتركز في القرى الأمامية المحاذية للشريط الحدودي والممتدة من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، وهي تحديداً 29 قرية تم تدمير نحو 22 من بينها تدميراً كلياً مثل الضهيرة، يارين، مروحين، كفركلا، العديسة وعيتا الشعب”، وفي المنطقة الحدودية هناك 30 ألف منزل دمر من بينها 22 ألفاً بصورة كاملة على مساحة تبلغ 300 كيلومتر مربع.

ويقدّر عدد المنازل المدمرة كلياً في كل لبنان جراء الحرب بنحو 40 ألفاً، فيما المنازل المدمرة جزئياً هي 25 ألفاً وقد تكون غير صالحة للسكن وتحتاج إلى إعادة بناء، يضاف اليها 122 ألف منزل أصيبت بأضرار طفيفة، ما يعني أن المجموع هو 193 ألف وحدة سكنية، وحتى اليوم مصيرها معلق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى