ابن النبطية ولاعب نادي نصر عبدالله ياسين “عبّودي”: من كرسيّه المدولب تحدى الصعاب صار مؤثّراً
لم يكن صعباً على عبدالله ياسين أن يواجه إعاقته بالإبداع والعلم والرياضة، الشاب الذي ولد من دون قدمين فيما يداه ملتصقتان، لم يستسلم لواقعه، بل حوّل الضعف قوّة، وأكثر، أثبت أنّ الإرادة تصنع المعجزات.
على كرسيّه المدولب يتنقّل عبد الله داخل ملعب كرة السلة الأحبّ إلى قلبه، يرمي طابته في الشباك فيصيب الهدف، تماماً كما أصاب هدف التفوّق في دراسته الجامعية في علم الكمبيوتر.
إبن بلدة كفرتنيت الجنوبية، قرّر أن يكون نموذجاً يحتذى به، أن يكون رمزاً للتفاؤل في زمن أصاب اليأس كثراً من شباب اليوم الأصحّاء. إندفاعه نحو الحياة يعطي جرعة أمل: «ايه بقدر» كلمة لم تسقط من قاموسه يوماً. لم يأبه لكلّ تعابير الإحباط التي رافقت مسيرته الطويلة، على العكس، وثق بنفسه، بطاقته، قال للجميع «أنا هنا». ثقافته، معرفته، طاقته، كلّها كانت محفّزات له ولمن يحيط به لتغيير نظرتهم تجاهه.
حين يتحدّث عبدالله عن إعاقته يقول «هي سبب قوّتي»، قبل أن يشير إلى معاناته الكبيرة في طفولته حيث خضع لأكثر من ثماني عمليات لفصل يديه وغيرها من العمليات. الشاب الطموح لم ينزوِ في منزله فقط لأنّه ولد بلا قدمين، على العكس «شغفي في الرياضة دفعني للتّحدي، أعشق كرة القدم غير أنّ وضعي لا يسمح لي، لذا انضممت إلى فريق لكرة السلة، وها نحن نحقّق الفوز في المنتخب، أضف إلى أنني من عشاق السباحة وأمارسها بشكل منتظم».
يملك عبدالله الشاب العشريني طاقة إيجابية، ومخزوناً واسعاً من العلوم التي صقلت فكره وشخصيّته القوية والصلبة، وهي مدَّت عائلته بالقوة. يؤكد أنّه حظي بدعم والديه، اللذين وقفا خلفه دوماً. وأكثر يقول «صنعت نفسي بنفسي لأنني وثقت أنني قادر، فأنا أقوم بكل خصوصياتي بنفسي، أعتمد على ذاتي ونجحت».
أسقط عبدالله كلمة «مستحيل» من قاموسه، يثابر على طريق النجاح في وقت يقف كثر من الشبان في منتصف الطريق «يندبون» حظّهم. يمضي في رحلة كفاحه، مقداماً، مشجّعاً الشباب على استغلال الفرص وصناعتها، «يجب أن نصنع الفرصة لا أن ننتظرها، علينا أن نستفيد من كل شيء حولنا، وألّا نقع».
لا يخفي عبدالله مواجهته العديد من التعابير المؤذية في صغره، غير أنّه قفز فوقها، وتخطّاها، لأنني «وضعت نصب عيني أن أكون شخصاً مؤثّراً في المجتمع». وبالفعل نجح الشاب الطموح في ذلك، فهو شخصية محوريّة وأساسية، كما يؤكد رفاقه الذين يجدون أنّ عبد الله يمدّهم بكثير من الثقة في أيّ محنة يتعرّضون لها. ولا يخفي عبدالله كذلك قدراته التحفيزيّة ويقول إنّه «يحضّر للقاء تحفيزي مع الشباب مع جمعية تُعنى بدعم مبتوري الأطراف، لحثهم على عدم الاستسلام والاستفادة من الفرص المتاحة لهم».
يتميّز «عبودي»، كما يحلو له أن يُنادى، بقدرات كثيرة، فهو صنع نفسه بإرادته، تخطّى كل الصعوبات التي واجهته «لأنني قررت أن أكون إنساناً فاعلاً لا إنساناً على الهامش». يواصل «عبودي» تدريبه الرياضي ودراسته الجامعية غير أنّه يأسف أنّ الجامعات في لبنان غير مجهّزة لاستقبال ذوي الحاجات الخاصة، وأكثر يقول «إلى جانب دراستي أعمل في مجال التسويق الإلكتروني وأطمح للعمل بعد التخرج لأنّه للأسف في لبنان لا توجد مؤسسات مجهّزة لحالات مثلي، لذا قد تكون وجهتي الخارج».
يقدّم «عبودي» نموذجاً في الكفاح في زمن الأزمات والبطالة، ويقول إنّ الإرادة تصنع التغيير والاستسلام يقتل وطناً.