وجوه وناس

الى الراحل احمد صفا ” ابو علي ” : فلتطمئن روحك في عليائها “فقد عاد لطعم البقلاوة حلاوتها” “

عام 2018 كانت ميفدون والنبطية والجوار على موعد مع صدمة الفراق والرحيل .. فقد رحل صاحب الوجه البشوش ” ابو علي ” صاحب حلويات الصفا الشهيرة بعد صراع مع مرض استطاع التغلب على بسمته وروحه الضاحكة فحزنت الوجوه وتألمت الارواح حزنا على ذلك الرحيل .

يومها كتب الناشط عباس الحاج احمد ما يلي :

“”شكلت حلويات ” الصفا” ذكريات كثيرة في وجدان أبناء النبطية الفوقا و ميفدون و المحيط. شاركتنا سُكرها بالأحزان و الافراح. اهدتنا السُكّر في حلونا و مرنا . حلويات حملت معها شخصية محبوبة من الجميع و قريبة من الزبائن. شخصية تبادلك الحديث بروح جميلة. شخصية اسمها : ابو علي صفا.

لطالما كانت ترويقة ” الكنافة” السريعة بحضوره.ليسألني عن ابنته سارة، تلميذتي المميزة في معهد المنار . و يشاركني “كباية الشاي” بصباحٍ تضج الحياة فيه.

لأبو علي صوتٌ خاص. صوت فيه حنان الأب و حنكة التاجر و كرم إبن الضيعة. صوتٌ فيه روح شعبية شاركت هموم جنوب لبنان قبل التحرير و بعده. صوتٌ فيه كرم خاص يحمل قطع البقلاوة والسنيورة و المعمول مد بقشطة و النمورة و مشتقات الحلويات التي كبر معها فكبرت به.
تحتار في وصف طريقة الرحيل . فجأة، تلك الحياة المتنقلة بين أيادي الزبائن والعاملة بشغف و حيوية، تتوقف . تحتار في وصف طريقة الرحيل. تلك الحياة التي يسير الدم في شرايين ابنها ابو علي صفا تقرر وقف الضخ بلا إذنٍ من أحد . تحتار و لحيرتك لا حل الا ان تستذكر حلاوة البقلاوة التي اشتهر بها.. بقلاوة روح .. بقلاوة قلب، بقلاوة سلوك مليء بالكرم و الضيافة و البسمة و الروح الشعبية.
قبل سفري بيوم واحد، التقيت به حاملا حلوياته في حقيبة السفر. ودعني بيد مضمدة قائلاً : ” الله يوفقك و يرجعك” . يد مضمدة تحمل تحتها جرحنا العبثي.. رحيلنا العبثي .. وطننا العبثي.. عبث لا ينظمه الا الحس الروحي الجميل. ذلك الحس الذي تشعر به خلال اللقاء و بعده، كاللقاء مع ابو علي صفا.. الذي رحل عنا اليوم.. ليصبح طعم البقلاوة.. مراً .
لروحك و عطاءك و كرمك كل السلام . ”

اليوم وبعد ستة اعوام على الرحيل القاسي نستطيع ان نقول يا ابا علي ان الحلاوة عادت لطعم البقلاوة لان ” اللي خلف ما بموت ” .

بهمة الرجال وعزيمة لا تلين استطاع نجلا المرحوم ” علي ومحمد ” ان يكملا المسيرة ويحافظا على الارث المتمثل بالسمعة الطيبة والممهورة ببسمة ابو علي التي لم تغادر محياه حتى في احلك الظروف فتوسعت حلويات الصفا بافتتاح فرع جديد على اوتوستراد النبطية – حبوش اضافة الى مطعم palazzo والذي يعد من اكبر مطاعم النبطية اضافة الى الكثير من الاعمال الخيرية التي يقوم بها ” علي ومحمد ” عن روح والدهما بهدوء وصمت .

يا ابا علي نم قرير العين في عليائك لان ” لي خلف ما بموت ” .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى